اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 556
عنهم صورة ثم لما تغمم رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم وتحزن من تكذيب قومه إياه صلّى الله عليه وسلّم وعن نسبتهم اليه ما لا يليق بشأنه أراد سبحانه ان يسلى حبيبه صلّى الله عليه وسلّم ويزيل عنه همه
فقال وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ قومك يا أكمل الرسل لا تبال بهم وبتكذيبهم فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل أمتك قَوْمُ نُوحٍ أخاك نوحا عليه السّلام وَكذا قد كذبت عادٌ أخاك هودا عليه السّلام وَايضا قد كذبت ثَمُودُ أخاك صالحا عليه السّلام
وَكذا قد كذبت قَوْمُ إِبْراهِيمَ جدك خليل الله الجليل أبا الأنبياء عليه وعليهم التحية والسّلام وَكذا قَوْمُ لُوطٍ قد كذبوا أخاك لوطا عليه السّلام
وَكذا أَصْحابُ مَدْيَنَ أخاك شعيبا عليه السّلام وَلا سيما قد كُذِّبَ أخوك مُوسى الكليم وقد كذبه بنو إسرائيل مرارا متعددة مع ان آياته ومعجزاته من اظهر الآيات وابهر المعجزات وبالجملة قد وقع ما وقع فَأَمْلَيْتُ وأمهلت لِلْكافِرِينَ وجميع المكذبين المعاندين المستكبرين في جميع الصور المذكورة ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ على التفصيل بأنواع العذاب والنكال الى ان أهلكتهم واستأصلتهم بل بالمرة فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إياهم وإنكاري عليهم بعد إمهالي لهم بان بدلنا النعمة عليهم نقمة والمنحة محنة واللذة ألما والفرح ترحا والقصور قبورا ولا تستبعد يا أكمل الرسل من كمال قدرتنا أمثال هذا
فَكَأَيِّنْ يعنى كثيرا مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها واستأصلنا أهلها بأنواع العذاب والعقاب وَالحال انه هِيَ ظالِمَةٌ وأهلها خارجة عن مقتضى لحدود الإلهية فَهِيَ الآن ايضا من ظلم أهلها خاوِيَةٌ ساقطة عَلى عُرُوشِها يعنى جدرانها ساقطة على سقوفها من غاية انهدامها وانتكاسها وتقلبها وانطماسها وَكم بِئْرٍ معينة مُعَطَّلَةٍ لا يستقى منها لهلاك أهلها وَكم قَصْرٍ عال مَشِيدٍ محكم أركانه وبنيانه مجصص أساسه وجدرانه خال عن ساكنيه غير مسكون فيه ولا مأنوس في حواليه
أَينكرون أولئك المنكرون هذه المذكورات جميعا فَلَمْ يَسِيرُوا ولم يسافروا فِي الْأَرْضِ المعدة للعبرة والاستبصار فَتَكُونَ تثبت وتحصل لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ ويعبرون بِها من الوقائع الواقعة فيها للأمم أَوْ يحصل لهم آذانٌ وقوة سماع واستماع يَسْمَعُونَ بِها اخبارهم وآثارهم وكيفية إهلاكهم واستئصالهم فَإِنَّها اى شأن قصصهم ووقائعهم لا تَعْمَى الْأَبْصارُ منها إذ الأبصار تشاهد آثارهم واطلالهم وَلكِنْ تَعْمَى منها الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ يعنى تعمى منها عيون بصائرهم وضمائرهم إذ لم يعتبروا منها ولم يستبصروا ولم ينظروا نحوها نظر المعتبر المتأمل والمستبصر الخبير وبالجملة من لم يعتبر مما جرى على الأمم الهالكة ومن الوقائع الهائلة الجارية عليهم الظاهرة من آثارهم واطلالهم فهم هم عمى القلوب وفاقدوا البصيرة التي هي سبب شهود الغيوب واطلاع عموم العيوب وان كانت عيونهم وحواسهم صحيحة وبعد ما قد استبطأ الكفار نزول العذاب الموعود وقالوا متى هذا لوعد نزل
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ يا أكمل الرسل بِالْعَذابِ الموعود على لسانك وَالحال انه لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ الصادق الصدوق وَعْدَهُ الذي وعده لعباده وان كان بعد حين سينزل عليهم البتة وَإِنَّ يَوْماً من ايام العذاب عِنْدَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ في الدنيا امتدادا وطولا واما في الشدة والعناء فلا يكتنه ولا يحصى فلم يستعجلون أولئك الحمقى
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ اى كثيرا من أهلها قد أَمْلَيْتُ وأمهلت لَها وأخرت عنها عذابها وَالحال انها هِيَ ظالِمَةٌ أهلها مستحقة للعذاب
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 556